في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان المسلمون يشترون المياه من صاحب بئر رومة. فأعلن النبي صلى الله عليه وسلم: “من يشتري رومة ليجعلها للمسلمين يضرب بدلوه فِي دلائهم وله بها مشرب في الجنة” (صحيح البخاري). فأقدم عثمان بن عفان (رضي الله عنه) على شراء البئر ووهبها للمسلمين كما أوصى النبي، فكان هذا من أقدم الأوقاف في تاريخ الإسلام. ولا تزال هذه البئر قائمة حتى اليوم، يستفيد منها الناس والدواب والنباتات، ومياهها لا تزال عذبة وصافية.
أجرٌ مستمرٌ للأبد
الوقف يُعد من أنواع الصدقات المستدامة، مثل الصدقة الجارية، وله دور بارز في تنمية ودعم المجتمعات عبر تاريخ الإسلام. يُفيد الوقف المجتمع بأسره من خلال تقديم خدمات مثل المستشفيات أو الجامعات.
الوقف، الذي يُجمع على أوقاف، يشير إلى “التقييد” لأنه يعني أن الملكية تؤول لله وحده. سواء كان التبرع عينيًا أو نقديًا، يصبح الوقف ملكًا لله، ولا يمكن لأي شخص آخر أن يمتلكه بعد تخصيصه.
تخيل أن شخصًا تبرع بمزرعته كوقف لصالح المجتمع، يمكن للجميع الاستفادة منها عن طريق زراعة الخضروات والفواكه، وتوزيع الثمار على المحتاجين. وبما أن الملكية لا تنتقل لأي فرد، فإن هذا الوقف يستمر في إفادة الأجيال القادمة.
الوقف كابتكار حضاري
يُعتبر الوقف الإسلامي نظامًا مستقلًا يوفر احتياجات المجتمع في مجالات متعددة مثل التعليم والصحة والاقتصاد. من أشهر الأوقاف الإسلامية القديمة، جامعة الأزهر الشريف في مصر، التي تُعد وقفًا إسلاميًا منذ أكثر من ألف عام. وتتعدد الأوقاف في مختلف المجالات.
كيف تُنفق تبرعات الوقف؟
أين تذهب أموالك التي أوقفتها لله؟
يستثمر صندوق الوقف الدولي – مؤسسة الوقف التابعة لـ “صدقة مدى الحياة” – أموال الوقف في استثمارات متوافقة مع الشريعة الإسلامية. تُستخدم الأرباح في تنفيذ مشاريع خيرية متنوعة. يُصدر الصندوق تقريرًا سنويًا يُوضح تفاصيل الاستثمارات والعوائد والنفقات، ويشرح كيفية استثمار أموال الوقف لدعم عشرات المشاريع التي تساعد المجتمعات الفقيرة. من بين هذه المشاريع:
أهدِ أحبائك هذه الصدقة الجارية، سواء كانوا أحياءً أو متوفين، وأدخل البهجة على قلوبهم في حياتهم أو بعد رحيلهم.